علاج الجروح لمرضى السكري
في الحقيقة، هناك علاقة عكسيّة تربط ما بين سرعة
الشفاء وخطورة الإصابة بالعدوى فيما يتعلّق بالجروح التي يتعرّض لها مُصابو مرض السكري؛
فكلّما كانت سرعة شفاء الجروح أكبر كانت خطورة إصابة الجرح بالعدوى أقل، وبالتالي فإنّ
الهدف الأساسيّ لعلاج القدم السكريّة هو الوصول إلى حالة الشفاء بأسرع وقت ممكن، بالإضافة
إلى بعض النتائج الأخرى التي يهدف إليها العلاج: كالمحافظة على وظيفة القدم، والسيطرة
على انتشار العدوى إن وجدت، ومُحاولة التخفيف من الشعور بالألم قدر الإمكان، وزيادة
القدرة الحركيّة للقدم المُصابة
أمّا فيما يتعلّق بعلاج تقرّحات القدم السكريّة،
فهناك العديد من العوامل الأساسيّة التي تُساهم بشكل كبير في الشفاء، وفيما يأتي بيان
لبعض منها
الوقاية من العدوى. التفريغ (بالإنجليزيّة: Off Loading) أو التخفيف من الضغط على المنطقة. الإنضار
(بالإنجليزيّة: Debridement) وهو إزالة أنسجة الجلد الميّتة. تطبيق الدواء ووضع الضمادات الطبيّة على
الجزء المتضرر من القدم. السيطرة على الحالة الصحيّة للمُصابين بالأخص نسب سكّر الغلوكوز
(بالإنجليزيّة: Glucose) في الدم، إضافة إلى أي مشكلات صحية أخرى.
وبالحديث عن العوامل التي تعرقل التئام الجروح عند
مرضى السكري فيمكن القول أنّها تتضمن مستوى السكر العالي في الدم، وضعف الدورة الدموية
الطرفية، وضعف كفاءة الجهاز المناعي، والتهاب الاعصاب الطرفية
الوقاية من العدوى
تُعدّ التقرّحات جروحًا مفتوحة وليست مُغلقة، ممّا
يزيد من احتماليّة إصابتها بالعدوى، ومن الممكن أن تؤدي العدوى في مراحل متقدمة إلى
الحاجة إلى بتر القدم المُصابة بالتقرّحات؛ حيثُ إنّ هذه العدوى الموجودة في الجرح
قد تنتقل إلى مجرى الدم، ومنه إلى إحدى عظام القدم، ممّا يُشكّل خطورة صحيّة على المُصاب،
وتجدر الإشارة إلى أهميّة مراقبة مُصابي مرض السكّري للجروح والتقرّحات في حال تعرّضهم
لها، وبالرغم من أنّ عمليّة الالتئام عادة ما تكون أبطأ، إلّا أنّها من المفترض ألّا
تتجاوز فترة عدة أسابيع، كما ومن المهم الانتباه إلى تطوّر الجرح وتوسّعه، أو بدء خروج
الإفرازات منه، أو زيادة شعور المُصاب بالألم بشكل كبير قد يستطيع الأشخاص المُصابون تجنّب الإصابة بالعدوى؛
فليس بالضرورة أن يتعرّض كل جرح يُصاب به مريض السكري للعدوى، وفي ما يأتي بيان لبعض
من أبرز الخطوات التي يُنصح الشخص المُصاب بمرض السكري باتباعها في حال تعرّضه للإصابة
بجروح أو تقرّحات في القدم، والتي من الممكن أن تُساعد على الوقاية من الإصابة بالعدوى
المُحافظة على النسب الطبيعيّة لسكّر الغلوكوز في
الدم؛ حيثُ إنّ الأشخاص الذين يُحافظون على نسب طبيعيّة للسكر في الدم أقل عُرضة للإصابة
بالجروح والقرّحات الشديدة صعبة الشفاء بشكل عام. تنظيف الجرح باستخدام الشاش أو الضمادات
ومن ثمّ تغطية الجرح بالضمادات بشكل يوميّ. ارتداء الجوارب والأحذية عند المشي؛ إذ
غالبًا ما يُنصح مرضى السكري بذلك حتى في حال عدم الإصابة بالجروح أو التقرّحات، فإنّ
المشي حاف القدمين يزيد من عرضة الإصابة بالعدوى. ارتداء واقية للقدم تُساعد على تجنّب
المشي على الجزء المُصاب، وذلك بعد استشارة طبيب مُختص بعلاج القدم ليُساعد المُصاب
على تصميمها لتناسب المصاب
تجدر الإشارة إلى أهميّة مُراجعة الطبيب فورًا في
حال تعرّض مُصاب مرض السكري بأي من أنواعه للإصابة بجروح أو تقرّحات بعد مرور فترة
طويلة دون تحسن الجرح؛ إذ ينصح الأشخاص المُصابون بمرض السكّري عادة بالتوجه للطبيب
عند التعرّض لجروح وتقرّحات، مع عدم وجود أيّ إشارات على تحسّنها بعد 48 ساعة للتقليل
من خطورة احتماليّة تفاقم المشكلة، وعادة ما تتطلّب إصابات الجلد فترة زمنية مقدارها
أسبوعين تقريبًا حتى تشفى بشكل كامل، وبالرغم من أنّ عمليّة الشفاء قد تتطلّب وقتاً
أكبر في حال كان الشخص مُصابًا بمرض السكّري، إلّا أنّه إذا زادت هذه المُدة عن ثلاثة
أسابيع أو في حال ظهور أعراض وعلامات للإصابة بالعدوى: مثل احمرار، أو ألم، أو الشعور
بدفء في المنطقة المُصابة، أو خروج إفرازات من الجرح فيجب مراجعة الطبيب بهدف تلقّي
العلاج المُناسب
يُساعد تفريغ أو إزالة الضغط الواقع على المنطقة
المُصابة بعمليّة الشفاء بشكل كبير؛ حيثُ إنّ زيادة الضغط على المنطقة المُصابة قد
يؤدي إلى إعاقة عمليّة الشفاء، وبالأخص في حال كانت القدم مُصابة بالتقرّحات في الجزء
السفلي منها، وحقيقةً هناك العديد من الأجهزة أو المُستلزمات التي تعمل على تفريغ المنطقة
المُصابة من الضغط: مثل بعض أنواع الأحذية المُخصصة، أو دعامات للقدم، أو نوع من الجبائر
المُخصصة والتي من الممكن للمُصاب ارتدائها، كما وقد يحتاج بعض المُصابين لاستخدام
كرسيّ متحرك أو عكّازات للتخفيف من الضغط على القدم، وبشكل عام يُنصح المُصاب باتخاذ
التدابير اللازمة للتقليل من المشي أو الوقوف على القدم المُصابة؛ لما لذلك من فوائد
في التقليل من الانزعاج الذي يُعاني منه المُصاب وزيادة سرعة الشفاء من تقرّحات القدم
في الحقيقة، إنّ الخلايا الجلديّة حديثة التكوّن
الصحيّة عادة ما تكون ناعمة وليّنة، وبالتالي فإنّ وجود أجزاء صلبة من الأنسجة والخلايا
الجلديّة الميّتة (بالإنجليزيّة:
Necrotic Tissue) قد يعيق تكوّنها، ومن الممكن أن يحتاج المُصاب
بالجروح والتقرّحات من مرضى السكّري إلى إجراء عمليّة جراحية لإزالة هذه الأنسجة الميّتة
المتكدّسة، فيما يُدعى طبيّاً بعمليّة الإنضار، وبالإضافة إلى إزالة الطبقات السميكة
من الجلد الميّت، فإنّه يتم إزالة الأجزاء المُصابة بالعدوى، والأجسام الغريبة، بالإضافة
إلى بعض المواد التي تبقى على الجلد بعد تغيير الضمادات وفي ما يأتي بيان
لبعض من أهمّ الأهداف التي يتم القيام بعمليّة الإنضار لتحقيقها
التخفيف من الضغط الواقع على المنطقة المُصابة بالجروح
أو التقرحات. تحفيز عمليّة التئام الجروح؛ حيثُ إنّ إزالة هذه الأنسجة يحفّز الجسم
على القيام بعمليّات التعافي الطبيعيّة. تسهيل عمليّة فحص النسيج الطبيعي الواقع تحت
المنطقة المُصابة. تسهيل عمليّة إخراج السوائل من الجروح إن وجدت. زيادة فاعليّة عمليّة
تغطية الجرح بالضمادات.
تطبيق الدواء والضمادات الطبية على الجروح
غالباً ما تتطلّب العناية بالجروح تطبيق بعض أنواع
الأدوية الموضعية (بالإنجليزيّة: Topical)،
بالإضافة إلى استخدام الضمادات، وقد تختلف الخيارات التي من الممكن اختيارها في العلاج
بشكل كبير؛ ببدءًا من محلول الملح العادي وضمادات التقرحات (بالإنجليزيّة: Ulcer Dressings)، إلى بعض العلاجات الأكثر
تطوّراً كعوامل النمو (بالإنجليزيّة: Growth Factors) وبدائل الجلد (بالإنجليزيّة: Skin
Substitutes) الفعّالة في علاج تقرّحات القدم، وتجدر
الإشارة إلى أنّ هذه التقرّحات قد تُصاب بالعدوى في العديد من الحالات، وعليه فقد يوصي
الطبيب بتناول المصاب لحبوب المُضادات الحيوية (بالإنجليزيّة:
Antibiotics) التي تؤخذ فمويًّا، حيث يكمن عملها في قتل
البكتيريا المُسببة للعدوى، إذ يتم استخدامها لمدّة زمنيّة يتم تحديدها بناءً على طبيعة
الإصابة من قبل الطبيب لعلاج العدوى، كما وتتوفر المضادات الحيويّة على شكل محاليل
يتم ضخها من خلال الأوردة (بالإنجليزيّة:
Intravenous) إلى مجرى الدم لمُساعدة الجسم على التخلّص
من العدوى بشكل أسرع، ويتم اللجوء إلى هذا النوع من المُضادات الحيويّة في حال تفاقم
العدوى ووصولها إلى العظام أو أنسجة أخرى من تلك المحيطة بالجرح
العلاج الجراحي
من الممكن أن تحتاج العديد من حالات الإصابة بتقرّحات
القدم السكريّة إلى التدخل الجراحي في حال عدم نجاح العلاجات الأخرى في الشفاء، حيثُ
يكون إجراء العمليّة الجراحية المُناسبة هو الحل الوحيد لشفاء التقرّح المُصاب به مريض
السكّري،
وتختلف المدة الزمنية التي يحتاجها المُصاب من حالة
إلى أخرى؛ فقد تمتد من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، اعتماداً على العديد من العوامل:
كحجم الجرح، وموقعه، والضغط الذي يتعرض له الجرح من خلال الوقوف والمشي، وتدفق الدم،
ونسب سكر الغلوكوز في الدم، بالإضافة إلى الأدوية التي تُطبّق على الجرح ومستوى رعايته، وهناك العديد من الحالات والمُضاعفات التي قد تستدعي
هذا التدخل الجراحي، في ما يأتي بيان لبعض الأمثلة عليها:
عمليّة رأب الأوعية الدموية: (بالإنجليزيّة: Angioplasty) وهي عمليّة عادة ما يقوم بها الطبيب في حال وجود شريان واحد أو أكثر مُغلق
في القدم المُصابة، ممّا يؤدي إلى ضعف في تدفق الدم في ساق المُصاب، ويتم إجراء هذه
العمليّة باستخدام بالون مفرغ من الهواء وربطه بدعامة (بالإنجليزيّة: Stent) ومن ثم إدخاله إلى المنطقة المُغلقة من الوعاء الدموي، وبعدها يتم نفخ
البالون بعد إدخاله، ممّا يؤدي إلى فتح الشريان المُغلق وتقوم الدعامة بالمُحافظة على
وضعه وإبقائه مفتوحًا، وهناك بعض العمليات الجراحية الأخرى التي من الممكن التوجه لها
في حال كان هناك مُشكلة أكبر في تدفق الدم من خلال الساق، كعمليّات إعادة توجيه تدفق
الدم من خلال فتح مجرى جانبي للشريان بالإنجليزيّة: Bypass Artery
عمليّات تقشير واستئصال العظام: يتم اللجوء إلى
هذه العمليات بهدف التخفيف من الضغط الواقع على المنطقة المُصابة، بالإضافة إلى تصحيح
التشوهات والعيوب؛ كأصابع القدم المطرقية (بالإنجليزيّة:
Hammertoes) المنحنية نتيجة ضعف العضلات في القدم، والوكعة
بالإنجليزيّة: Bunions) أوالنتوءات العظميّة في أصابع القدم. إزالة العدوى: من الممكن أن يتم إزالة الجزء من العظام
المُصاب بالعدوى جراحيّاً كما هو الحال عند الإصابة بعدوى العظام التي تُدعى بالتهاب
العظام والنقي بالإنجليزيّة: Osteomyelitis)
علاجات متقدمة لتقرحات القدم السكرية
في الحقيقة، إنّ العديد من حالات تقرّحات القدم
السكريّة قد لا تصل إلى مرحلة الشفاء، ممّا يستدعي مراجعة الطبيب لاختيار إحدى طرق
العلاجات المُتقدمة التي يُمكن اللجوء إليها، وفي ما يأتي بيان لبعض من أبرز الأمثلة
عليها:
العلاج بالأكسجين عالي الضغط: يتم استخدام العلاج
بالأكسجين عالي الضغط بالإنجليزيّة: Hyperbaric Oxygen Therapy من خلال إدخال المُصاب
إلى إحدى الغرف المغلقة المُخصّصة ليستلقي على سرير داخلها لمدّة ساعة ونصف يوميّاً.،
تكون هذه الغرف مربوطة بجهاز يزوّدها بهواء مُشبع بالأكسجين بنسبة 100%، ممّا يعمل
على ارتفاع نسبة الأكسجين الموجود في مجرى دم المُصاب 10 أضعاف تقريباً عند استنشاق
الهواء المُضخّ داخل هذه الغرفة بثبات، ويؤدي ذلك إلى زيادة سرعة شفاء التقرحات بشكل
كبير من خلال تحسين العمليّة الطبيعيّة التي يقوم بها الجسم للتعافي، وتحفيز عوامل
النمو، والخلايا الجذعية بالإنجليزيّة: Stem Cellsممّا يُساعد على إصلاح النسيج المتضرر
العلاج بعوامل النمو:يقوم العلاج بعوامل النمو بالإنجليزيّة: Growth Factor Therapy) على استخدام مركّبات مُشابهة لتلك التي تنتجها الجسم بشكل طبيعي لتحفيز
النمو، ويتم تطبيق هذه المركبات بشكل موضعي أو من خلال الحقن
علاج الجروح بالضغط السلبي:يُعرّف علاج الجروح بالضغط
السلبي بالإنجليزيّة: Negative Pressure Wound
Therapy) على أنّه طريقة لاستخراج السوائل والعدوى
من الجروح لتحفيزها على الشفاء، ويتم ذلك من خلال استخدام ضمادات مخصصة لإغلاق الجرح
بإحكام وربطه بمضخة فراغية بالإنجليزيّة: Vacuum
pump
بدائل الجلد المُعدّلة بيولوجيّاً: يتم تحضير بدائل
الجلد المُعدّلة بيولوجياً بالإنجليزيّة:
Bio-engineered skin substitutes باستخدام خلايا وأنسجة
مُستأصلة من إنسان أو حيوان، ومن ثم وضعها على منطقة الجرح لمُساعدة خلايا جسم المُصاب
على النمو بطريقة مُشابهة لعمليّات زراعة النسيج التقليدية
عملية البتر: في الحقيقة، قد تكون عمليّات البتر
ضروريّة في حال الإصابة بتقرحات القدم السكريّة الشديدة غير المُستجيبة للعلاجات السابقة؛
حيثُ إنّ الجرح في هذه الحالة من الممكن أن يكون مهددّا لحياة المُصاب.
نصائح للمصابين بالجروح من مرضى السكّري
يُنصح مُصابو مرض السكّري بالالتزام التام بالخطة
العلاجية والطرق المُناسبة للمُحافظة على نظافة الجرح وسلامته التي يُحدّدها لهم الطبيب
المختص في حال الإصابة بالجروح والتقرّحات، وغالبًا ما يتم إجراء فحص للقدم مرّة واحدة
سنويّاً لجميع مُصابي مرض السكّري، كما يقوم الطبيب خلال هذا الفحص الجسديّ بإرشاد
المُصاب إلى الطرق اللازمة والتدابير التي يجب اتخاذها في حال الإصابة بتقرحات القدم
السكريّة، لما لذلك من أهميّة في الحفاظ على سلامة القدم. وفي ما يأتي بيان لبعض من
النصائح والخطوات التي يُنصح المُصاب باتباعها لما لها من دور في المساعدة على الشفاء
من الجروح والتقرحات
السيطرة على نسب السكّر في الدم والحفاظ على النسب
الطبيعية لها. تجنّب التدخين. تناول الأطعمة الصحيّة لما لها من دور في تحفيز الجسم
على القيام بعمليّة التعافي. المُحافظة على نظافة الجرح لتجنّب إصابته بالعدوى. تجنب
استخدام البيتادين (بالإنجليزيّة:
Betadine) أو بيروكسيد الهيدروجين (بالإنجليزيّة: Hydrogen Peroxide) لما يُصاحبهما من احتماليّة الإضرار بعمليّة شفاء النسيج والتسبب بجفافه،
ويوصى باستخدام طبقة رقيقة من الهلام النفطي (بالإنجليزيّة: Petroleum Jelly) المعروف بالفازلين
وتغطيتها بالضمادات بدلاً من البيتادين وبيروكسيد الهيدروجين في حال لزم ذلك. تجنّب
المشي أو الوقوف بطريقة تُسبب تطبيق الضغط أو زيادة الوزن على الجرح. المُواظبة على
تناول علاج المُضادّات الحيويّة وعدم التوقّف عن تناوله قبل انتهاء مدة العلاج التي
يُحدّدها الطبيب، لما للإيقاف المُبكر للمُضادّات الحيويّة من أضرار صحية على المُصاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق